المسؤولون الأمريكيون والإيرانيون قد لا يتفقون كثيرا، ولكنهم اجتمعوا على شيء واحد مؤخرا ألا وهو أن الواتساب وسيلة تواصل غير موثوقة واستخدامه محفوف بالمخاطر.
منذ لحظة استحواذ الفيسبوك على الواتساب في عام 2014، حاول كثيرا زوكربيرغ ترويج الواتساب على أنه الوسيلة الأفضل عالميا في الحفاظ على خصوصية البيانات.طبقوا التشفير End-to-end encryption والرسالة الإعلامية كانت أن لا أحد خارج المحادثة قادر على قراءة الرسائل المتبادلة. وفي ذات الوقت، زوكربيرغ عمل على تعزيز انتشار استخدامه في الكوكب، وهو في ذلك الهدف تحديدا نجح. عدد مستخدميه وصل إلى ثلاثة مليارات مستخدم.
أما هدف الخصوصية، لم يتحقق كثيرا. الأسئلة حول صحة إدعاءات زوكربيرغ في حماية البيانات تزايدت، ولم يستطع تغيير الشكوك حوله على مر السنوات.
في الأسبوع الماضي، التلفزيون الإيراني الرسمي حذر المواطنين من استخدام الواتساب، وطلب منهم حذف التطبيق. السبب أن التطبيق يشارك بيانات المستخدمين مع إسرائيل، وكل ذلك في غضون قصف متبادل واحتراز مبرر من وسيلة تواصل غير موثوقة.
وفي أمريكا، حظروا الواتساب على أجهزة أعضاء الكونغرس. فهم ممنوعون من تنزيل التطبيق أو الاستمرار في استخدامه على الأجهزة الحكومية، والمنع شمل الهواتف والأجهزة المحمولة وأي جهاز آخر.
الحظر الإمريكي اعتبر الواتساب تطبيقا عالي الخطورة بسبب قلة شفافية ميتا حيال حماية بيانات المستخدمين والمخاطر الأمنية المترافقة مع استخدامه.
ميتا اعترضت على القرارين الأمريكي والإيراني، وبينت أنها لا تتبع مواقع المستخدمين ولا الرسائل المتبادلة. كما أنها لا تشارك البيانات مع أي جهة حكومية
الواتساب لطالما تعرض لانتقادات أمنية مع أن ميتا تدعي تشفير الرسائل، وتلك الادعاءات افتقرت إلى أدلة دامغة. في عام 2021، ظهر تقرير صحفي يتحدث عن ممارسات الفيسبوك في تقويض ضوابط الخصوصية على الواتساب.
بالإضافة إلى اتهامات كثيرة حول تحيز شركة ميتا مع إسرائيل وتقنين المحتوى الفلسطيني على منصاتها خدمة لمصالح جهة على حساب أخرى. فمثلا، في شهر ديسمبر الماضي، صحيفة BBC نشرت تقريرا مفصلا عن كيفية حجب أخبار غزة. وقبل أيام، أطلقت ميتا الإعلانات الموجهة على الواتساب، وأثارت حفيظة كثيرين على استخدام مواقعهم ولغاتهم وميولهم في غاية توجيه الإعلانات. أي أن بياناتهم ستستغل في الأهداف الإعلانية.
ميتا تعارض تصريحاتها في كل مقام ومقال. مثلا، لطالما شددت على أن الرسائل المتبادلة عبر التطبيق مشفرة بالكامل. وفي المقابل، الرسائل كانت تشجع إعلانات بعينها لتظهر على الفيسبوك والإنستغرام، مما يثير علامات استفهام على فكرة أن المرسل والمستقبل هما فقط من يمتلك صلاحية قراءتها.
مشكلة الواتساب الأساسية اليوم تدني منسوب الثقة العام في أمانه، ولعل تراجع الثقة مرتبط بالمالك الجديد زوكربيرغ وشركة ميتا. فلو كان المالك غيره، لربما اختلف الحال. حادثة كامبريدج أناليتكا ليست بالبعيدة، وقد كان لها دور محوري في زيادة الشكوك حول ميتا وزوكربيرغ.
الثابت أن الواتساب اختلف كليا، ونموذج عمله الذي كان قائما على تسهيل تجربة التواصل تحول اليوم إلى الإعلانات الموجهة، والمستخدم هو وقودها الذي يبقيها على قيد الحياة. لنتذكر أن قاعدة مستخدميه وصلت إلى ثلاثة مليارات، وهي قاعدة سال لها لعاب زوكربيرغ حتى بدأ في در الأموال منهم. فلا عجب من الحظر الإيراني والأمريكي له وتوجسهم خيفة منه.
أما عن البديل، تطبيق Signal أكثر أمانا من الواتساب.
بقلم م. حسام خطاب